نبذة عن مفاتيح الجينات

تقول الأسطورة انه قبل 6000 سنه تقريبا، يروى انه كان هناك امبراطور عظيم وعادل يدعى (فو هسي) كان يحكم بلاد الصين. كان ذلك الحاكم نزيهاً وعاش شعبة في فترة حكمة اياماً مجيدة. وكان قادراً على تخطي جميع الصعاب ولم يعاني الا من شيء واحد فقط لم يستطيع ان يجابهه، الا وهو التغيير! فكلما عمر البلاد وأصلح من شئونها طرأ عليه "حادث من التغيير". فهو يبني ويعمر ومن ثم تأتي الاحداث مغيرةً مسرى الأهداف التي رسمها لإمبراطورتيه العظيمة. فتارة تأتي الاخبار بأن غارة من الأعداء انهالت على إمبراطورتيه، وتارة أخرى تكون كارثة طبيعة، اما عاصفة او زلزال او الطوفان، وغيرها من المتغيرات التي لا بد منها! ثم تسأل الامبراطور عن ان كان بإمكانه معرفة السر وراء التغيير والفوضى؟

اعتاد الامبراطور الابتعاد عن الجميع من وقت لأخر لكي يتأمل في شئون حياته ويأتيه الالهام من الطبيعة. كان يجلس بقرب نهر يدعى (اليانغتسي)، مستغرقاً في تأمل الأمواج المتعرجة الهادئة المتدفقة عبر النهر، ومراقبتها وهي تحتضن الشاطئ بهدوء بالقرب من قدميه، عندما ظهرت فجأة سلحفاة صغيرة وكأنها انبثقت من العدم منسابة مع المجرى المائي لتجلس بقرب الامبراطور مشاركةً إياه جلسة التأمل الهادئة.

عم الصمت الأجواء ولم ينطق أي منهما ببنت شفته، حتى تحدث الامبراطور إلى السلحفاة متعجباً ومتلهفاً وكأنه على أعتاب ظهور كوني عظيم قائلاً: "حسناً أيها المخلوق الصغير.. ما هو الأمر إذن بعد ذلك؟

وبدلاً من أن تروي فضوله، تحركت السلحفاة ولفت بظهرها للإمبراطور لامباليةً، ودارت بحركة نصف دائرية لتُعرض نفسها للشمس بصمت وهدوء. حدق الإمبراطور في المخلوق الصغير باهتمام وفضول بعد أن التفت متأملاً الأشكال المرسومة على قوقعة السلحفاة وهي تجف من الماء في أشعة الشمس الربيعية، وبينما هو يتأمل هذا المشهد بدأ يكتشف أمراً عجيباً، وهو أنه كلما نظر، أصبح قادراُ على فهم طبيعة سؤاله، وهكذا حتى استسلم باستكانة لما أدركه في تلك اللحظة متأملاً ظهر السلحفاة بكل جوارحه. وبدأ كل شيء يتلاشى ويختفي ببطء. بداية اختفت السلحفاة، ثم الكون وفي النهاية تلاشى الامبراطور نفسه! ويُروى أنه عندما استعاد وعيه بعد عدة ساعات اختفت السلحفاة كًلياً.

ومنذ ذلك اليوم انبثقت للإنسانية أجمع وسائلاً جديدة للفهم والقدرة على إدراك "الرسائل الكونية" و"التزامنات" التي تحمل إجابات عن الأسئلة الغامضة. فما رآه الامبراطور على ظهر السلحفاة يعرف اليوم بالـ (أي تشينغ I ching) أو (كتاب التغيرات). يعتبر الـ (أي تشينغ I ching) الصيني واحداً من أعظم الكتب الروحية على مر الزمن، فقد تمت كتابته منذ آلاف السنين من قبل (فو هسي) الامبراطور الصيني الأسطوري، ويتضمن الكتاب رمزاً ثنائياً يوضح كافة الفصول السنوية ودورات الحياة. يعرض هذا الكتاب نظرية جديدة لقياس العمليات الحيوية من خلال رمز بسيط يتألف من ستة خطوط، إما مذكر أو مؤنث (ينغ ويانغ yin yang)، وحيث تنتج مجموعة 64 فئة إذا دمجت مع بعضها البعض. إن (كتاب التغيرات I ching) يعتبر منفذا الي عالم الغيبيات المدركة. فكل رمز سداسي من الـ 64 رمزاٍ يعتبر كمفتاح الى العالم الخفي الغير متجلي. ومن خلال التأمل فيه قد يدرك الانسان ان ما هو قادم يمكن التعامل معه بحكمة. إن الـ 64 رمزا من الـ (أي تشينغ I ching) مرتبطة بأيام السنة، ففي كل 6 أيام تكون الأرض تحت تأثير واحداً من الرموز السداسية لـ (أي تشينغ I ching) وان كل رمزاً يحمل سمات خاصة تؤثر على الاحداث التي تجري على الأرض، وان البشرية كلها تتأثر بالحالة الخاصة او التغيير الذي يحمله الرمز السداسي!

وكانت هذه اول "المنافذ الى العوالم الداخلية للذات البشرية" المسجلة في التاريخ، تحملها السلحفاة على قوقعتها لتهديها الامبراطور الذي أدرك ان الإجابة على تساؤلاته تكمن في الداخل.



الحكماء والـ أي تشينغ I ching

امتدت روح الـ (أي تشينغ I ching) الي الثقافة الغربية وأثارت فضول ابرز الفلاسفة . ففي القرن السابع عشر ميلادي رأى الفيلسوف وعالم الرياضيات (غوتفريد لايبنيز) ان الواقع والمنطق مرتبطان بنظام ثنائي رياضي، وكان مصدر إلهامة هو الفكر الشرقي وكتابات الإمبراطور الصيني (فو هسي). أشار (لايبنيز) في رسائله العلمية الى الاشكال السداسية في الـ (أي تشينغ I ching) والثنائيات (ينغ يانغ (yin yang الموجودة في كل شكل سداسي من الـ 64 شكل، وأنها تتطابق مع الأرقام الثنائية 000000 إلى 111111 ، التي هي أساس لجميع الحواسيب الرقمية تقريباً في وقتنا الحالي!

وفي القرن الماضي تأثر عالم النفس الشهير (كارل يونغ) بكتاب التغيرات لـ (أي تشينغI ching ) ورأى انه مرتبط بالوعي البشري والتزامن (حيث اننا نكون تحت تأثير احد الرموز السداسية كل 6 أيام على مدار السنة) وقال في كتابة (مقدمة لـ أي تشينغI ching ) :

"لأكثر من ثلاثين عاما، كنت مهتما بهذا الأسلوب الحكيم لـ(أي تشينغ I ching)، أو طريقه لاستكشاف اللاوعي، لأنه بدا لي من أهمية غير شائعة. كنت بالفعل على دراية جيدة ومسبقة بالـ (أي تشينغ I ching) عندما قابلت (ريتشارد فليهلم: المترجم الألماني لفلسفة الـ أي تشنيغ I ching) لأول مرة في أوائل العشرينات من العمر. أكد لي ما عرفته بالفعل، وعلمني الكثير من الأشياء عن هذه الحكمة"

لقد استوحى (كارل يونغ) من الـ (أي تشينغ I ching) ان الذات البشرية تحكمها أنماط سلوكية تؤثر على تصرفاتنا بشكل كامل، سواء علمنا بذلك ام لم نعلم، وأطلق عليها اسم الـ archetypes. ان الـ archetypesببساطه هي برامج تحبس الوعي البشري وتجعله يرى الواقع من خلالها والتي تعمل كعدسات محددة يتصرف ضمن حدودها الضيقة. هذه المغاليق البرمجية تجعل العالم يبدو لنا مختلفا عن حقيقته وانه غالبا ما يكون سلبيا ومظلماً. وان اغلب الناس يمضون ايامهم ويبنون حياتهم ويتصرفون تحت تأثير الـarchetypes . ان اختياراتنا لعلاقتنا العاطفية ومستقبلنا المهني وادارتنا المالية لها عواقب مصيرية نواجه نتائجها لفترات طويلة من الزمن، والغالب في ذلك هو اتخاذ القرار تحت تأثير الـarchetypes . ويشير (يونغ) ان الـ archetypes منبعها الأساسي هو (الخوف)! ان الخوف يجعلنا نريد الارتباط بأي شخص هربا من الوحدة، ويجعلنا أيضا نبني مستقبلا لأجل المكاسب المالية بدلا من اختيار ما نحب ان نعمله. الخوف يجعلنا نتصرف مع من حولنا بأقنعة الشجاعة المزيفة ويجعلنا نصنع واقعاً مشوهاً مبني على أنماط الـ archetypes التي تتحكم فينا دون علمنا. ولكن (يونغ) يقول ان هناك مخرجاً وسبيلاً للتحرر من الـ archetypes وهي الحالة التي يكون فيها الانسان متحرراً تماما من كل المخاوف. اذا كانت حالة الوعي متجردة من كل المخاوف وفي حالة سلام تام فأن الانسان لم يعد تحت تأثير تشويه الـ archetypes للواقع! انها حالة خاصة يمكن الوصول اليها بالتطبيقات السليمة التي تطلق صراح الوعي ليرى العالم بشكل صحيح، وتسمى بالـ(فردانية) او الـ individuation، وان قرار السلام الداخلي لا يكمن في الحلول الخارجية فقط، بل مغروس في الداخل عندما نكون مستقلين من كل المخاوف!

واستمرت رحلة البحث الداخلية للذات البشرية!

مفاتيح الجينات – حكمة التخليق
Wisdom of Synthesis

ولا يزال الـ أي تشينغ I ching مصدر لإلهام المفكرين في الوقت الحالي. فبعد نصف قرن من اكتشافات (يونغ) للـ archetypes رأى (ريتشارد روود) أن رموز الـ أي تشينغ I chingو الـ archetypes و الحمض النووي DNA للإنسان مرتبطة ببعض، أي ان العلوم الروحية وعلم النفس والطب يمكن دمجها مع بعض، وأطلق على هذا النوع من التفكير بـ حكمة التخليق Wisdom of Synthesis !

يوجد في الانسان 64 شيفرة جينيه تحمل .كل الصفات الخِلْقِيَّة، حيث يرث الجنين البشري نصفها عن الأب والنصف الأخر عن الأم، وتم تصنيفها في المدرسة الطبية بشكل دقيق مع الاحماض الامينية المصاحبة لكل جين وتم وضعها في جدول محدد. وأكتشف (ريتشارد روود) ان شيفرات الـجينات الـ 64 متطابقة تماما مع تصنيف الرموز الـ 64 للـ أي تشينغ I ching وأنها تحمل أنماط سلوكية نفسية archetypes وقام بتحديد جميع الـ archetypes التي تحكم الوعي البشري وربطها بالحمض النووي. وقام بتصميم تقنية نفسية/روحيه (تخليقية) تكشف عن التسلسل الجيني لكل إنسان على حده، وتوجهه الى معرفة الـ archetypes التي تؤثر على وعيه، والسبيل الى التحرر منها والوصول الى الـ فردانية individuation المطلقة! إن التقنية المتبعة في الكشف عن التسلسل الجيني لعبقريتك تسمى بـ (مفاتيح الجينات) وترتكز على النقاط التالية: